بعد الزيارة المكوكية لقطر ينجح الرجل في ترويض قناة الجزيرة لكن ماذا فعل مع ادارة فيسبوك لتمنع صفحة خالد سعيد
؟ قبل الانتخابات بثلاثة أيام ؟و كذلك صفحة رصد انتهاكات الانتخابات ؟
من مدونة جدلية .... محمد واكد
ماذا تفعل الأنظمة المزورة في يوم الانتخابات؟
علمتنا التجارب التي مررنا بها، وكذلك تجارب الدول الأخرى، أن الأنظمة المستبدة عامة ما تتعامل مع يوم الانتخابات بشكل شبه نمطي. وأظنكم تعرفون جميعا جوهر هذا التعامل من واقع خبراتكم الطويلة به، والذي يعتمد على آليات تزوير محددة باتت مكررة مثل "اللبانة الممضوغجة،" مثل تسويد بطاقات الاقتراع، وتزوير بطاقات الانتخاب، وتقفيل الصناديق، والتلاعب بالنتائج، وغير ذلك مما تعرفونه جيدا.
لكن الأنظمة المزورة تواجه خطرين آخرين عليها أن تتعامل معاهما ببعض الحنكة ليس فقط في ذلك اليوم وإنما في الفترة السابقة عليه أيضا، وهما تجريس الإعلام للنظام والفعاليات الجماهيرية المناهضة له في الشارع. وتتعامل مع الخطر الأول بتشديد الرقابة على الإعلام حتى وإن تطلب ذلك إغلاق ٢٥ قناة تليفزيونية قبل الانتخابات بشهر كامل، وطرد رئيس تحرير صحيفة مستقلة ومحورية بعد شرائها من مالكها، وإيقاف عدد كبير من الإعلاميين، وعقد الإتفاقات مع القنوات الاقليمية التي تؤثر في الساحة المحلية بشكل مناهض للنظام--وكل ذلك لترتيب الساحة للتزوير بالطبع.
وبالنسبة للفعاليات الجماهيرية، تقوم هذه الأنظمة بزيادة جرعة البطش في يوم الإنتخابات وطوال الفترة السابقة عليه أيضا، وإن تطلب ذلك تلفيق قضايا مخدرات للنشطاء لتخويف الآخرين، ضرب المتظاهرين بالنار لقيامهم بما كان يمكن القيام به في فترة أخرى، إعتقال الالاف من مؤيدي مرشحي المعارضة وتجميد أموالهم وإغلاق محلاتهم، وإطلاق العنان للبلطجية والمسجلين خطر لتحجيم فعاليات مرشحي المعارضة في أثناء فترة الحملة الانتخابية وخاصة فيوم الانتخابات نفسه، وغير ذلك مما تعرفونه أيضا.
فكل هذا يحدث بوتيرة عالية منذ شهر تقريبا في مصرنا المحروسة من طرد إبراهيم عيسى من الدستور وأون تي في، إيقاف قناة أوربيت وإنهاء برنامج عمرو أديب، والتهديد بوقف برنامج العاشرة مساءا، وتلفيق قضية مخدرات للزميل يوسف شعبان، وإطلاق النار على مظاهرة الأقباط أمس مما أدى لمقتل رجل وإصابة العشرات (وهو ما يكشف حد الاستنفار الأمني الموجود بالبلد الآن لأن هذه المظاهرة كانت لتمر بدون قتلى في أي وقت آخر)، والإتفاق الأخير مع قناة الجزيرة الذي لم يحيدها في هذا الصراع فقط وإنما ضمها لصف النظام تقريبا، أو على الأقل ضمها لفترة محددة، وغير ذلك الكثير.
لكن يبقى خطر الفعاليات الجماهيرية وإمكانية أن تصل بشكل أو آخر لجمهور واسع عبر الإعلام البديل والإجتماعي، وهو نوع من التجريس لا يستطيع النظام المزور التعاطي معه رلا في يوم الإنتخابات نفسه. وهنا تقوم هذه الأنظمة ببعض الحيل النمطية أيضا لمواجهة النشطاء وإعلامهم البديل الذي أصبح السبيل الوحيد المتاح أمام نشطاء المعارضة الآن للتعبئة والتحريض ضد النظام المزور وتجريسه، بعد أن تقطعت بهم السبل الأخرى، منها:
١) اعتقال نشطاء المعارضة الرئيسية في الليلة السابقة على يوم الانتخابات، وخاصة من يلعبون دورا أساسيا في تعبئة الناس للذهاب للإقتراع.
٢) اعتقال النشطاء الرئيسيين المشاركين في عملية توثيق الانتخابات أو مراقبتها في الليلة السابقة على يوم الانتخابات، أو في الصباح الباكر في أثناء ذهابهم للمناطق المخصصة لهم، أو حتى تعطيلهم في ساعات ذروة العملية الانتخابية لمدة ساعات محددة بإختلاق الذرائع المناسبة لذلك.
٣) حجب أو تعطيل الدخول إلى المواقع الرئيسية والمدونات بشكل مفاجيء، ولا سيما الشبكات الاجتماعية التي تنقل الصور والفيديو ومواقع الأخبار المحلية المستقلة، وإذا ما تطلب الأمر يمكن تبطئة الانترنت كلها لمدة ساعات قليلة بشكل يثير أقل شكوك ممكنة، وهو ما حدث في أكثر من دولة مؤخرا.
٤) تعطيل خدمة الرسائل القصيرة بطريقة او اخرى وحجبها عن أفراد بعينهم لدرء قدراتها التعبوية في الساعات الحرجة، ويقال أن النظام المصري رتب لذلك بالفعل.
٥) إعاقة بعض خدمات الإنترنت عبر الهاتف النقال بطريقة او اخرى، وتخريب البريد الإلكتروني أو صفحات الفيس بوك أو التويتر لفئة مختارة من النشطاء عن طريق القرصنة أو ما شابه ذلك في يوم الإنتخابات.
٦) إرهاب الصحفيين ومراسلي التلفزيون في الشارع في أثناء تغطيتهم لأحداث اليوم ومصادرة الأشرطة منهم.
٧) تفريق كل الأفراد الذين يحاولون التجمع في الشارع بالقوة أو تعطيلهم طوال مدة الانتخاب إذا ما تطلب ذلك--أو حتى إعتقالهم إذا ماتطلب الأمر ذلك.
٨) إيقاف كل من يحمل كاميرا في الشارع ومصادرتها منه، أو على الأقل التحفظ عليها حتى نهاية اليوم—نفس الشيء بالنسبة للأجهزة الإلكترونية الأخرى مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية...
٩) تعطيل جميع الناخبين من الوصول إلى صناديق الاقتراع في المناطق التي تكون خسارة النظام بالثلاثة فيها مؤكدة عن طريق اللعب في كثافة حركة المرور، أو تبطئة النقل العام، أو حتى بأسلوب "ما ينفعش تخش من هنا، لو سمحت لف من ورا" الخ.
١٠) وفي المناطق التي يكون الحزب المزور أكثر ثقة في إحتمال نجاحه يمكنه أن يكتفي بإيقاف ناخبي المعارضة فقط (بدلا من الكل) من الوصول لصناديق الاقتراع بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك إستخدام القوة الغاشمة، والسماح بوصول فقط لمن لديهم بطاقة عمل من مرشح الحزب الحاكم إلى الصناديق—وكما قلت في النقطة السابقة، يمكن تعطيل الكل عن الوصول في الحالات التي يتأكد فيها خسارة الحزب من أول اليوم.١١) استخدام البلطجية لتخويف الناس الذين لا يحبذ إعتقالهم والإعتداء عليهم إذا تطلب الأمر.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو ماذا ستفعل المعارضة حيال ذلك؟ وكيف سيواجه النشطاء سقوط بعض المواقع للقرصنة بشكل مفاجيء لدى بعض الناس في حين سيستطيع آخرون رؤيتها (على حسب الشركة)؟ أو أن يكتشف بعضهم أنهم لا يستقبلون رسائل الأس أم أس في حين يستقبلها آخرون، أو آنهم لا يستطيعون الدخول على الإيميل، إلخ؟ أو أن الإعلام العالمي والمستقل والأقليمي قرروا جميعا أن يدلسوا بما لم يكن بتوقعه أحد نظرا لحسابات معينة أكثر أهمية لهم؟ هل سيتعلم النشطاء طرق التعامل مع البروكسي سيرفر لأول مرة في حياتهم في هذا اليوم؟ وماذا نتعلم من أحداث الأمس: هل سقط موقع الدستور أمس لقرصنة وفديين كما يقال الآن، أم أن هناك أصابع أخرى تتدرب على دراسة ردود الأفعال على شيء ربما تحتاج إليه قريبا؟ ألم يحدث ذلك في وقت مشحون وتعبوي بما يعطي فرصة مثلى للتدريب ودراسة ردود الأفعال--وخاصة أن متابعي هذا الموقع هم من المجموعات التي سيحاول النظام إحتوائها في هذا اليوم؟ أم أن الموقع تعرض بالفعل لقرصنة من قبل الوفد كما يقولون وأن حدوث ذلك بعد نشره أول أخباره عن أحداث العمرانية بدقائق ما هو إلا صدفة؟
إن فرصة هذه الآليات في النجاح تكبر بقدر ما ينجح النظام في أخذ المعارضة على "خوانة،" وهو الفخ الذي تتقن المعارضة المصرية الوقوع فيه، فهي دائما غير مستعدة، ودائما ما تؤخذ على خوانة. وربما كان أفضل لنشطاء المعارضة الذين ينون التفاعل مع الانتخابات على الأرض أن يركزوا على التجريس فقط لا غير، لكنهم للأسف يظنون أنهم سيتمكنون من إنجاح مرشحين بعينهم في إنتخابات مزورة سلفا بالأساس، ويعضهم يظن أن للحظة الانتخابات قدرة في تعبئة الجماهير أكبر بكثير من طاقتها الحقيقية. لو كان التجريس هو هدفهم (وهو الهدف الواقعي الوحيد) لوجدتهم الآن مستعدين للتعامل مع هذه الاحتمالات (في حدود إمكانيتهم طبعا)، لكنهم لم يطوروا تصورات
وإمكانيات بديلة، ومثل هذه الإمكانيات لا تتبلور بين يوم وليلة.
تحديث: كتبت هذه المقالة منذ ثلاث ساعات تقريبا وفي خلال هذا الوقت القصير جدا قامت شركة فيس بوك بالفعل بإلغاء خاصية التدوين على صفحة "خالد سعيد" (والتي كانت تخدم ٠٠٣ ألف مشترك، وهو ما يعني أن أخبار التزوير كانت ستصل إلى ٠٠٣ الف مواطن عن طريق الإعلام البديل) وألغت كذلك الصفحة الخاصة "بوحدة الرصد الميداني" والتي كانت ترصد بالفعل إنتهاكات إنتخابات مجلس الشعب بدعوى إنتهاك شروط الخدمة وكلاهما من الصفحات المركزية في معركة يوم الأحد القادم. هذا يعني أن المعارضة فقدت أدوات إعلامية كانت تصل إلى ٠٠٣ ألف مواطن مرة واحدة، وأن عليها أن تبدأ في بناء هذه الأدوات التراكمية من جديد، وهو ما يعني بدوره أنها لن تستطيع الوصول لعشر هذا العدد قبل يوم الأحد القادم. لقد بدأو بالفعل في الهجوم ولديهم تظبيطات أكبر من إغلاق هذه الصفحات بكثير.
No comments:
Post a Comment