فيديو بطله هذه المرة مراسل التلفزيون المصري، خرج على الناس في مشهد مأساوي بقميص مفكوك الأزرار و يبدو غير مكوي وحالته حالة ، يقوم المراسل بالإطمئنان على وزير الداخلية المصري محمد ابراهيم بعد " محاولة الإغتيال التي تعرض لها أمام مسكنه بمدينة نصر .
وفي خضم التعليقات والتفسيرات الباليستية لاسباب الهجوم الفاشل على الوزير الفاشل ، وفي وسط أطنان من التحليلات عمن وراء الحادث وهل هو النظام ؟ أم هي جماعة الاخوان وبعيدا عن كل هذا - فأنا غير مهتمة لمعرفة وراء الحادث - أدهشني ملاحظة الناس لقميص المذيع المصري البائس .
ولأننا شعب جبار بطبعة تركنا كل ما يحدث ، ووقفنا أمام السؤال المعضلة : هل هي سترة بيجامة انتزعها المراسل من على شماعة غرفة نومه لانهم أخبروه أنه عليه أن يقوم في التو واللحظة ربما كما ولدته أمه بالتغطية، وعمل اللقاء المعجز والمنجز مع الوزير من قلب الحدث فما كان منه إلا أن يلبس اللي جه في أيده، فكان ما رأيناه جميعا وهلكناه سخرية وتندر .
اللي كان لابسه المذيع قميص متواضع هو ما أقصى ما يمكنه أن يوفره هذا المراسل المتواضع ذو الراتب الأكثر تواضعا ، ليس بامكانه أن يدخل" سرار" أو " كلفن كلاين " ليشتري قميصا يقضي على راتبه ، فجلس باقي الشهر يندب حظه ويؤنب نفسه على ما فعله بنفسه وعائلته بسب قراره المتهور بابتياع قميص " ماركة "
ذكرني هذا المنظر البائس للمذيع الأكثر بؤسا وأنا في طريقي لأجرى مقابلة باحدى القنوات للعمل هناك كمترجم فوري ، وجدت سيدة أربعينية ترتدي بدلة سوداء متواضعة و اكسوارات رخيصة وكثيرة بدرجة مبالغ فيها وقد وضعت طبقات من المكياج الذي يظهر لك ومن أول نظرة أنه من النوع الرديء الرخيص وكانت ست طيبة جدا أخبرتني أنها تعمل "مذيعة " بالإذاعة المصرية، وتريد أن تحسن من دخلها الذي لا يكفيها هي عائلتها ، و بدأت تتحدث معي عن كيف أن الظروف في التلفزيون المصري صعبة على الناس الذين لا ظهر لهم فينضربون بكل سهولة على قفاهم وبطنهم ، وحكت لي عن " الجمعيات " التي تقوم بعملها هي وزميلاتها لكي يقمن بتدبير احتياجات اولادهم التي لا تنتهي .
كانت رقيقة الحال كذلك كان حالها في الترجمة لا تعرف الكثير من الكلمات ناهيك عن نطقها الكارثي لبعض مفردات الإنكليزية . استمعت لها بإنصات لأنها كانت بحاجة لأن تتكلم، ضحكت معها وتمنيت لها حظا سعيدا في الإختبار .
وظلت في أذني كلماتها عن الفساد المستشري داخل ماسبيرو وأن الموظفين و المراسلين ومذيعي الصف الثاني يقتاتون على فتات الفتات .
ماسبيرو لا يحتاج إلى إعادة هيكلة .. ماسبيرو يحتاج إلى ثورة حقيقية ثوابتها هي نفس ثوابت ثورتنا التي عجزنا عن تحقيقها " عيش حرية ، كرامة إنسانية وعدالة إجتماعية " فليس من العدل عبد أن يتم صرف الملايين على مسلسلات وبرامج لا فائدة مرجوة منها بينما المراسلين ومذيعي الصف الثاني والثالث يعانون ويظهرون بهذا المظهر التعيس المسيء للبلد بينما هناك من يتقاضون الألاف والملايين .